سورة القيامة - تفسير تفسير البغوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (القيامة)


        


{وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ} عابسة كالحة مغبرة مسودة. {تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ} تستيقن أن يعمل بها عظيمة من العذاب، والفاقرة: الداهية العظيمة، والأمر الشديد يكسر فقار الظهر. قال سعيد بن المسيب: قاصمة الظهر. قال ابن زيد: هي دخول النار. وقال الكلبي: هي أن تحجب عن رؤية الرب عز وجل. {كَلا إِذَا بَلَغَتِ} يعني النفس، كناية عن غير مذكور {التَّرَاقِيَ} فحشرج بها عند الموت، و{التراقي} جمع الترقوة، وهي العظام بين ثغرة النحر والعاتق، ويكنى ببلوغ النفس التراقي عن الإشراف على الموت. {وَقِيلَ} أي قال من حضره الموت هل {من راق} هل من طبيب يرقيه ويداويه فيشفيه برقيته أو دوائه.
وقال قتادة: التمسوا له الأطباء فلم يغنوا عنه من قضاء الله شيئا.
وقال سليمان التيمي، ومقاتل بن سليمان: هذا من قول الملائكة، يقول بعضهم لبعض: من يرقى بروحه؟ فتصعد بها ملائكة الرحمة أو ملائكة العذاب. {وَظَن} أيقن الذين بلغت روحه التراقي {أَنَّهُ الْفِرَاقُ} من الدنيا.


{وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ} قال قتادة: الشدة بالشدة. وقال عطاء: شدة الموت بشدة الآخرة. وقال سعيد بن جبير: تتابعت عليه الشدائد، وقال السدي: لا يخرج من كرب إلا جاءه أشد منه.
قال ابن عباس: أمر الدنيا بأمر الآخرة، فكان في آخر يوم من الدنيا وأول يوم من أيام الآخرة.
وقال مجاهد: اجتمع فيه الحياة والموت.
وقال الضحاك: الناس يجهزون جسده والملائكة يجهزون روحه.
وقال الحسن: هما ساقاه إذا التفَّتَا في الكفن. وقال الشعبي: هما ساقاه عند الموت. {إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ} أي مرجع العباد يومئذ إلى الله يساقون إليه. {فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى} يعني: أبا جهل، لم يصدِّق بالقرآن ولا صلى لله. {وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى} عن الإيمان. {ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ} رجع إليهم {يَتَمَطَّى} يتبختر ويختال في مشيته، وقيل: أصله: يتمطط أي: يتمدد، والمَطُّ هو المَد. {أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى} هذا وعيد على وعيد من الله عز وجل لأبي جهل، وهي كلمة موضوعة للتهديد والوعيد.
وقال بعض العلماء: معناه أنك أجدر بهذا العذاب وأحق وأولى به، يقال للرجل يصيبه مكروه يستوجبه.
وقيل: هي كلمة تقولها العرب لمن قاربه المكروه وأصلها من الولاء من المولى وهو القرب، قال الله تعالى: {قاتلوا الذين يلونكم من الكفار} [التوبة- 123].
وقال قتادة: ذكر لنا أن النبي صلى الله عليه وسلم لما نزلت هذه الآية أخذ بمجامع ثوب أبي جهل بالبطحاء وقال له: {أولى لك فأولى ثم أولى لك فأولى} فقال أبو جهل: أتوعدني يا محمد؟ والله ما تستطيع أنت ولا ربك أن تفعلا بي شيئًا، وإني لأعزّ من مشى بين جبليها! فلما كان يوم بدر صرعه الله شر مصرع، وقتله أسوأ قتلة. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: إن لكل أمة فرعونا وإن فرعون هذه الأمة أبو جهل.


{أَيَحْسَبُ الإنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى} هملا لا يؤمر ولا ينهى، وقال السدي: معناه المهمل وإبل سدى إذا كانت ترعى حيث شاءت بلا راع. {أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى} تُصَبُّ في الرحم، قرأ حفص عن عاصم {يمنى} بالياء، وهي قراءة الحسن، وقرأ الآخرون بالتاء، لأجل النطفة. {ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى} فجعل فيه الروح فسوى خلقه. {فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأنْثَى} خلق من مائه أولادًا ذكورًا وإناثًا. {أَلَيْسَ ذَلِكَ} الذي فعل هذا {بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى}.
أخبرنا أبو طاهر عمر بن عبد العزيز القاشاني، أخبرنا أبو عمرو القاسم بن جعفر الهاشمي، أخبرنا أبو علي محمد بن أحمد بن عمر اللؤلؤي، حدثنا أبو داود سليمان بن أشعث، حدثنا عبد الله بن محمد الزهري، حدثنا سفيان، حدثني إسماعيل بن أمية قال: سمعت أعرابيًا يقول سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قرأ منكم والتين والزيتون فانتهى إلى آخرها: {أليس الله بأحكم الحاكمين} [التين- 8] فليقل: بلى، وأنا على ذلك من الشاهدين، ومن قرأ: {لا أقسم بيوم القيامة} فانتهى إلى {أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى} فليقل: بلى، ومن قرأ: {والمرسلات} فبلغ {فبأي حديث بعده يؤمنون} فليقل: آمنا بالله».
أخبرنا عمر بن عبد العزيز، أخبرنا القاسم بن جعفر، أخبرنا أبو علي اللؤلؤي، أخبرنا أبو داود، حدثنا محمد بن المثنى، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن موسى بن أبي عائشة قال: كان رجل يصلي فوق بيته فكان إذا قرأ: {أليس ذلك بقادر على أن يحيى الموتى} قال: سبحانك بلى، فسألوه عن ذلك فقال: سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

1 | 2 | 3